بالرغم من أن التعب هو موضوع الشكوى الأول الذي يسمعه أطباء الصحة العامة من مرضاهم، إلا أن علاجه لا يقتصر على الطب التقليدي وحده، كما تقول إريكا شفارتز، دكتورة في الطب، طبيبة باطنية في وست تشيستر كاونتي، نيويورك.
والواقع أن التعب ليس مرضا، كما تفسر، وهو لا يظهر في فحوصات التشخيص. وما من دواء لعلاجه. كما لا توجد جراحة لاستئصاله من الجسد. وبعض الأطباء الذين تدربوا على كشف المرض بالفحوصات الطبية وعلاجه بالعقاقير أو الجراحة قد يعتبرون التعب غير قابل للشفاء.
وفي ذلك تقول د. شفارتز: “يخبر بعض الأطباء مرضاهم ببساطة أن التعب هو نتيجة طبيعية للتقدم في السن، شأنه شأن الشيب والتجاعيد. لا بل ويخبرون الناس أن عليهم أن يعتادوا عليه، ولكنه كلام عار عن الصحة”.
عوضا عن ذلك، ترى د. شفارتز أن نقص الطاقة هو عارض لنمط حياة مسبب للتعب، خاصة نمط التغذية الذي يمد محركات أجسادنا (ويفرط في إمدادها) بغذاء سيئ النوعية.
تقول باميلا سميث، أخصائية قانونية بالنظم الغذائية، وخبيرة تغذية في أورلاندو، فلوريدا: “إننا نعاني من قلة الأكل وقلة التزويد بالطاقة ونعجز عن القيام بجميع المهام المفروضة علينا واستغلال جميع الفرص المتاحة أمامنا. نحن نضغط على أجسادنا طيلة اليوم من دون تزويدها بالغذاء المناسب، وكأننا سيارات تمشي من دون وقود”.
ولكن ترى سميث أنه من السهل علاج التعب وتجديد النشاط لأن الجسد بطبيعته يتمتع بمستوى مرتفع من الطاقة. وتقول: “الطاقة موجودة في كل خلية من خلايا جسدنا. والسؤال هنا: هل أنت تسمح لتلك الطاقة بالتدفق لكي تزيح التعب من الطريق؟”
فإن أردت الإجابة بنعم عن هذا السؤال، جرب العلاجات التالية المستعملة لتحرير الطاقة.
في حياتنا الناشطة وعالمنا المليء بالإجهاد اليوم، يمثل التعب طريقة حياة لكثير من الناس. وهو لا يعني عادة وجود مشكلة جسدية تحتاج إلى العلاج، برأي إريكا شفارتز، دكتورة في الطب، طبيبة في وست تشيستر كاونتي، نيويورك.
مع ذلك، ثمة كثير من الحالات التي تسبب تعبا خطيرا، بما فيها كثرة وحيدات النواة في الدم، تراجع وظيفة الغدة الدرقية، والتهاب الكبد. بالتالي، إن كنت تأكل جيدا وتحصل على قسط واف من الراحة وتستعمل المكملات ولا تعاني من إجهاد كبير، ولكنك بقيت تشعر بالتعب لشهر أو أكثر، عليك أن تحدد موعدا لرؤية الطبيب وإجراء فحص شامل، كما تنصح د. شفارتز.
الكارنيتين: يجدد الشباب
تطلق د. شفارتز على الكارنيتين اسم “كبسولة الشباب”. إذ يقوم هذا الحمض الأميني بنقل الوقود الغذائي إلى المتقدّرات، وهي مصانع الطاقة في كل خلية. كما أنه يفرغ النفايات من المتقدرات لكي لا تعيق السموم عمل المصانع.
ومن دون الكارنيتين، لا يمكن للجسد أن ينتج الطاقة، علما أن غذاء المواطن الأميركي النموذجي لا يزوده بكمية كافية منه.
وتقول: “لقد رأيت الآثار الإيجابية لاستعمال مكمل الكارنيتين لدى مئات من مرضاي الذين بدا عليهم تجدد النشاط وشعروا به خلال أيام”.
وتوصي د. شفارتز بالبدء باستعمال 500 ملغ من الكارنيتين على شكل أقراص مرتين في اليوم، عند الإفطار والغداء. وكما هو الحال مع جميع المكملات، تنصح بتناوله مع كوب من الماء سعة 8 أونصات (227 سم3) منعا للانزعاج الهضمي.
وتنصح د. شفارتز مرضاها بتناول الكارنيتين لمدة غير محدودة، موصية بـ 1.000 ملغ في اليوم على الأقل للأشخاص الذين تجاوزوا الأربعين من العمر. فكلما تقدمت في السن، ازدادت حاجتك إليه، كما تضيف.
الأنزيم المساعد Q10: متمم ممتاز للكارنيتين
بينما يحمل الكارنيتين الوقود إلى المتقدرات، فإن الأنزيم المساعد Q10 (coQ10) يساعد المتقدرات على استعمال الوقود لتوليد الطاقة. وقد ركز العلماء في البداية على قدرة الأنزيم على إعادة إحياء خلايا القلب. فبينت الدراسات أنه قد يساعد على شفاء القصور القلبي الاحتقاني المهدد لحياة المريض عبر تجديد طاقة خلايا عضلة القلب.
ولكن يبدو بأن (coQ10) يبث الطاقة في جميع خلايا الجسد، وليس في خلايا القلب وحده. وهنا تقول د. شفارتز: “بغياب كمية كافية من الأنزيم المساعد Q10 لن تتمكن من توليد طاقة كافية للحفاظ على صحة ممتازة”.
ولكي تحصل على جرعة علاجية كافية من خلال الغذاء، سيكون عليك تناول كميات ضخمة من الطعام – أكثر من 6 باوندات (2.7 كلغ) من اللحم، 14 باوندا (6.4 كلغ) من زبدة الفستق، و6 باوندات (2.7 كلغ) من سمك السردين يوميا. لذا تنصح د. شفارتز باستعمال مكمل لكونه الطريقة الفضلى للحصول على كفايتك منه. وتقترح تناول 30 ملغ مرتين في اليوم، عند الإفطار والغداء. ويمكنك استعمال هذا المكمل لمدة غير محدودة، كما تقول.
الماغنيزيوم: لراحة الجسد المتعب
يستفيد معظم المصابين بالتعب اليومي من استعمال الماغنيزيوم، وهو معدن حيوي لإنتاج الطاقة. فإن كنت شديد الانشغال ولكنك تشعر بالوهن، جرب تناول 400 ملغ من الماغنيزيوم عند الغداء مع الكارنيتين والأنزيم المساعد Q10، كما تقترح د. شفارتز.
الغلوتامات: يكافح التعب الذهني
إن كنت تعاني من تعب ذهني يمنعك من التركيز أو التفكير بوضوح، قد ترغب باستعمال مكمل الغلوتامات.
“والغلوتامات هو حمض أميني يساعد على تثبيت معدل سكر الدم”، كما تشرح د. شفارتز. “وهذا ما يمنع الانخفاض الحاد في معدل السكر والذي قد يساهم في التعب الذهني”. وتوصي بتناول 800 ملغ من الغلوتامات مع الإفطار و400 ملغ مع الغداء.
الأحماض الدهنية أوميغا – 3: تنشط المزاج
غالبا ما يترافق التعب بالاكتئاب النفسي. وللمساعدة على تبديد حالات الاكتئاب، تقترح د. شفارتز تناول 1.000 ملغ من الأحماض الدهنية أوميغا – 3، التي تعد أساسية لوظيفة الدماغ الطبيعية. وتنصح باستعمال المكمل يوميا عند الإفطار.
الأطعمة التي تكافح التعب
“عندما تسعى للحصول على كل الطاقة التي تريدها وتحتاج إليها، فإن تناول الطعام المناسب في الأوقات المناسبة يصبح حيويا شأنه شأن الحصول على قسط واف من النوم”، برأي سميث. ولكن لا تقلق، كما تنصح، بما لا يجب عليك أكله، بل ركز على الأطعمة والمشروبات التي تزودك بالقدر الأكبر من الطاقة.
الماء: تجنب العامل الأساسي للتعب
يعتبر التجفاف – أي عدم شرب ما يكفي من الماء كل يوم – أحد الأسباب الرئيسة المسؤولة عن التعب، برأي سميث. وتقول: “إن اكتفيت في البداية بشرب الماء يوميا والإكثار منه، ستلاحظ تحسنا هائلا في طاقتك”.
ولكن لم الماء؟ لأنه يحمل المغذيات المنتجة للطاقة ويؤمن بيئة خلوية يمكنها العمل فيها ويساعد على دخول الأكسجين في الدم، إضافة إلى حفاظه على تناغم العضلات. وتوصي بشرب ما بين 64 و80 أونصة (1817 سم3 و2272 سم3) من المياه في اليوم.
الطعام: كل مرارا بهدف زيادة بالطاقة
إن تناول كميات صغيرة من الطعام خلال النهار يساعد على الحفاظ على مستوى سكر الدم – ومعدل الطاقة – ومنعهما من الهبوط، كما تشير سميث. ويجب أن تزودك تلك الوجبات الصغيرة بالكربوهيدرات والبروتين لتوليد الطاقة القصوى، نظرا لأن الغلوكوز الآتي من الكربوهدرات والأحماض الأمينية المأخوذة من البروتين لن تؤمن لك الوقود سوى لبضع ساعات، كما تقول. بالإضافة إلى ذلك، اختر أطعمة قليلة الدهون، لأن ارتفاع الدهون يؤدي إلى هبوط الطاقة. وفي ما يلي ما يمكن أن تشتمل عليه وجبات صغيرة ليوم كامل.
• للإفطار، شوفان مطبوخ في حليب خال من الدسم أو عصير، محلى بعصير التفاح أو عصير العنب الأبيض، منكّه بفلفل فطيرة اليقطين والفانيلا، ومزين بالفاكهة الطازجة أو المجففة.
• قبل الظهيرة، قطعة من الفاكهة الطازجة أو أونصة إلى اثنتين (28.4 غ إلى 56.8 غ) من الجبن القليل الدهون.
• للغداء، شطيرة حبش في خبز من الدقيق الكامل مع خردل ديجون، وطبق كبير من السلطة مع الحمص وجبن فيتا، أو قطعة دجاج مع البركولي (نوع من القرنبيط) والبطاطا الحلوة. (وتقول سميث: “أمن دوما هذا التوازن بين الكربوهيدرات والبروتين، فتسمح للكربوهيدرات بأن تحترق لتوليد الطاقة وتستعمل البروتين لبناء الجسم”). وتناول للتحلية المانغا الطازجة والفراولة.
• عصرا، وجبة خفيفة من رقائق التورتيا المحمصة مع مرق الفاصولياء والصلصة.
• للعشاء،سمك أو دجاج، أرز أسمر أو حبوب أخرى، سلطة خضراء، خضار، ولبن محلى بالفاكهة للتحلية.
• مساء، وجبة خفيفة من رقائق الحبوب الكاملة مع الحليب الخالي من الدسم أو حليب الصويا.
املأ حياتك نشاطا
ماذا تفضل، حرارة أشعة الشمس المتسللة من النافذة أم حائطا مسدودا؟ موسيقى هادئة أم صوت محرك الثلاجة؟ روائح عطرة أم الرائحة المنبعثة من آلة التصوير؟ لا شك بأن الخيار المفرح واضح. وحين تختار بيئة مفرحة قليلة الإجهاد، تختار معها طاقة أكبر.
وتقول سميث: “قد يدهشك المفعول العظيم لتعديل البيئة في تجديد الطاقة”.
الألوان الدافئة: تجدد طاقة الدماغ
إن أحطت نفسك بالألوان الدافئة، فإن هذه الألوان ترسل نبضات إلى الدماغ من شأنها أن تضاعف من طاقتك، برأي سميث. وإن كنت تريد تنشيط مكان عملك، ابدأ أولا بترتيب الفوضى – الأوراق والجرائد – الموجودة على مكتبك. تخلص من الألوان الباردة، البيضاء والزرقاء والسوداء، التي تسبب انخفاضا في الطاقة.
استبدلها بالأصفر أو البرتقالي أو الأحمر، كما تنصح سميث. (فالأصفر يرسل موجات كهرومغناطيسية هي الأقوى، يتبعه البرتقالي ومن ثم الأحمر). ويمكن لأي لون دافئ أن يؤدي المهمة: نبتة ذات أزهار صفراء، ملصق لمنظر مشمس، لوحة دافئة، أو تحفة فخارية مكسيكية مثلا. ولكن كن حذرا إن كنت انبساطيا. فكثرة الألوان النارية من شأنها أن تفرط في تنبيهك وإلهائك. اختر في هذه الحالة ألوانا مهدئة كالأزرق أو الأخضر.
الروائح الطبيعية: تحفز التنبه
تعمل الروائح الطبيعية على تنبيه عصب في الجسم يحفز التنبه”، كما تشير سميث. مع ذلك أنت لست بحاجة إلى خلطات عجيبة أو إلى موزع عطور علاجية. بل ابق فقط سلة من البرتقال أو الليمون على مكتبك، واقطع شريحة واحدة منها حين تشعر بالتعب. (كما أنك ستستفيد من ألوان الفاكهة).كما يمكنك الاحتفاظ بنبتة نعناع قريبة تقطف منها ورقة وتتنشق عطرها، كما تقترح.
الأصوات: اسمع ما يمدك بالطاقة
“تشكل الضجة عامل تعب غير مرئي في عالمنا”، برأي سميث. لذا فهي تقترح استعمال سدادات أذن إسفنجية إن لم تتمكن من إسكات الأصوات التي تستنفد طاقتك في محيطك. كما يمكنك ابتياع آلة “ضجيج أبيض”، تصدر أصوات أمواج أو رياح أو خرير مياه.
أبعد عوامل التعب
إن كنت تشعر بانعدام النشاط، عليك أن تراجع حياتك بأكملها. فقلة النوم والرياضة هما من الأسباب الشائعة للتعب، برأي سميث. ولكن، ثمة طرق سهلة لمعالجة الوضع.
النوم: يجدّد قواك
“إن النوم المريح هو جزء هام من نمط الحياة النشيط”، كما ترى سميث. ولكي تحسن نومك، إليك ما تنصح به.
• حاول أن تخلد إلى النوم وتنهض في الأوقات نفسها يوميا، بما أن الجسد يحب النظام.
• لا تشرب القهوة بعد الغداء لأن الكافيين يعيق النوم.
• تجنب الأطعمة الغنية بالدهون مساء لأن الدهون تصعب النوم أو الاستغراق فيه.
• نم في غرفة معتدلة البرودة، مظلمة وهادئة. فتلك هي البيئة الفضلى للإغفاء.
• نم على جنبك، فهذه الوضعية تجعل التنفس أكثر سهولة وتخفف الشخير الذي يجعل الليلة مفعمة بالأرق.
الرياضة: 10 دقائق تساوي ساعتين من النشاط
إن المشي السريع لمدة 10 دقائق يمدك بساعتين من النشاط، كما تشير سميث. لذا فهي توصي بالقيام بثلاث تمارين قصيرة من المشي في اليوم للحفاظ على مستوى طاقتك.
وتضيف: “يمكنك أن تمشي في أي وقت وأي مكان تقريبا”. وإن فضلت ممارسة الرياضة لمدة أطول، أضف بعض تمارين شد العضلات ورفع الأثقال إلى برنامجك للحفاظ على ارتخاء العضلات وتناغمها، وهو أمر ضروري للتمتع بالطاقة القصوى.
ولكن إن كنت تشعر بالتعب الشديد، قد ترغب بالبدء بتمارين أقل إجهادا، كاليوغا أو تمارين التاي تشي الصينية اللطيفة، كما تقول ديآنا باتدورف، معالجة سريرية بالعطور ومزاولة للأيورفيدا في فوريستفيل، كاليفورنيا.
وتقول: “إن كان جسدك منهكا أساسا، من شأن التمارين الهوائية أن تسبب لك تعبا أكبر. ولكن إن بدأت ببرنامج رياضي مستعملا اليوغا أو التاي تشي، ستبني طاقتك تدريجيا في غضون شهر تقريبا، وعندها تضيف تمرينا هوائيا إلى برنامجك”.
تنطلق الطاقة من المعدة
في طب الأيورفيدا، وهو طب طبيعي قديم من الهند، يشكل التعب دليلا على “خمود في النار الهضمية”. وهي إشارة إلى أن المعدة وباقي الجهاز الهضمي لا يتمتعان بالطاقة الكافية لأيض الطعام وامتصاصه، برأي ديآنا باتدورف، معالجة سريرية بالعطور ومزاولة للأيورفيدا في فوريستفيل، كاليفورنيا.
“وحين يؤجج الناس النار الهضمية، فإنهم يحصلون على نتائج أفضل بكثير في علاج التعب مما لو حاولوا زيادة طاقتهم بالوسائل الغذائية”، كما تقول.
وأفضل طريقة لزيادة النار الهضمية هي بتقنية تنفس تدعى نفس النار. وتقوم على أخذ 20 إلى 30 نفسا عميقا وبطيئا، مع تركيز انتباهك كله على معدتك. ولكن نفس النار ليس كالنفس العميق العادي، الذي يرتخي في البطن ويتمدد مع الشهيق، كما تشير باتدورف.
عندما تمارس هذا التنفس، اسحب معدتك إلى الداخل أثناء التنشق بعمق وبطء، ثم ادفعها إلى الخارج وأنت تزفر ببطء. وتحقق أكثر من مرة أثناء التمرين بأن كتفيك مسترخيتان وعمودك الفقري مستقيم.
مارس هذا التمرين مرة إلى مرتين يوميا، كما تنصح باتدورف. وهو يضاعف النار بتحريك الدورة الدموية. وستشعر بالحرارة ترتفع إلى وجهك إن قمت به بالشكل الصحيح، استنادا إلى باتدورف. وتضيف: “عندها تكون قد أتممت التمرين”.