-من شرح كتاب رياض الصاحين
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره)
متفق عليه [البخاري ومسلم]
وفي رواية لمسلم (حُفَّت ) بدل حجبت ، وهو بمعناه أي بينه وبينها هذا الحجاب ، فإذا فعله دخلها .
الشرح
حجبت يعني أحيطت بها ، فالنار قد أحيطت بالشهوات ، والجنة قد أحيطت بالمكاره .
الشهوات :هي ما تميل إليه النفس من غير تعقل ولا تبصر ولا مراعاة لدين ولا مراعاة لمروءة .
مثلا الزنا والعياذ بالله شهوة الفرج تميل إليها النفس كثيرا ، فإذا هتك الإنسان هذا الحجاب فإنه يكون سببا لدخوله النار .
شرب الخمر :تهواه النفس وتميل إليه ، ولذلك جعل الشارع له عقوبة رادعة بالجلد ، فإذا هتك الإنسان هذا الحجاب وشرب الخمر أداه ذلك إلى النار والعياذ بالله.
حب المال شهوة من شهوات النفس ، إذا سرق الإنسان فإنه يحب أن يجمع المال يحب أن يسرق من أجل أن يستولي على المال الذي تهواه نفسه ، فإذا سرق فقد هتك هذا الحجاب فيصل إلى النار والعياذ بالله .
الغش من أجل أن يزيد الثمن ثمن السلعة ، هذا تهواه النفس فيفعله الإنسان فيهتك الحجاب الذي بينه وبين النار فيدخل النار .
الاستطالة على الناس والعلو عليهم والترفع عليهم كل إنسان يحب هذا تهواه النفس ، فإذا فعله الإنسان فقد هتك الحجاب الذي بينه وبين النار فيصل إلى النار والعياذ بالله .
ولكن ما دواء هذه الشهوة التي تميل إليها النفس الأمارة بالسوء ؟؟
دوائها ما بعدها ، قال (وحفت الجنة بالمكاره أو حجبت بالمكاره)
يعني أحيطت بما تكرهه النفوس ، لأن الباطل محبوب للنفس الأمارة بالسوء والحق مكروه لها ، فإذا تجاوز الإنسان هذا المكروه وأكره نفسه الأمارة بالسوء على فعل الواجبات وعلى ترك المحرمات فحينئذ يصل إلى الجنة .
ولهذا تجد الإنسان يستثقل الصلوات مثلا ولا سيما في أيام الشتاء وأيام البرد ،لا سيما إذا كان في الإنسان نوم كثير بعد تعب وجهد ، تجد أن الصلاة ثقيلة عليه ويكره أن يقوم يصلي لأن الفراش لين .
ولكن إذا كسر هذا الحاجب كسر هذا المكروه وصل إلى الجنة .
وهلم جر ..كل هذه الأشياء التي أمر الله بها مكروهة للنفوس ولكن أكره نفسك عليها حتى تدخل الجنة ، اجتناب المحرمات شديد على النفوس ومكروه لها لا سيما مع قوة الداعي فإذا أكرهت نفسك على ترك هذه المحرمات فهذا من أسباب دخول الجنة .
المهم أن النار حجبت بالشهوات والجنة حجبت بالمكاره :
فجاهد نفسك على ما يحبه الله ولو كرهت ، واعلم علم إنسان مجد إنك إذا أكرهت نفسك على طاعة الله احببت الطاعة والفت الطاعة وصار بدل ماكنت تكرهها لو أردت أن تتغلب عن الطاعة ابت نفسك عليك بس عود نفسك .
حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات،
و في قول الشيخ بن باز رحمه الله
هذا حديث صحيح، حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(حُفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره)، وفي اللفظ الآخر: (حُجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره)،
المعنى أنه جعل بين النار وبين الإنسان ارتكاب الشهوات المحرمة، فإذا ارتكبها صار إلى النار، وانتهك الحجاب، وإن امتنع منها سلم، فالنفس قد تشتهي الزنا أو الخمر فإن طاوعها صار إلى النار، قد تشتهي ترك الصلاة والكسل ولا يصلي، فإن طاوع النفس صار إلى النار نعوذ بالله، قد تشتهي سب الدين والاستهزاء، فإن طاوع نفسه كفر وصار إلى النار، قد تشتهي الربا فإن طاوع نفسه وفعل الربا صار إلى النار، قد تشتهي النفس قطيعة الرحم والعقوق للوالدين فإن طاوعها هلك وصار إلى النار، فالنار حفت بالشهوات المحرمة.
والجنة حفت بالمكاره بما تكرهه النفوس، النفوس قد تكره الصدقة، قد تكره الجهاد، لكن إذا خالفها وجاهد في سبيل الله وتصدق صار إلى الجنة، قد تكره المحافظة على الصلوات في الجماعة قد تكسل قد يكون ما عندها نشاط عندها كسل عندها كراهة في التقدم إلى الصلوات الخمس فإذا طاوعها هلك، وإن خالفها وصلى في الجماعة وحافظ على الصلاة في المساجد صار إلى الجنة، النفس أيضاً قد تكره صلة الرحم، بر الوالدين إكرام الجار، فإن طاوعها هلك، وإن خالفها وبر والديه ووصل أرحامه وأكرم جيرانه فاز بالسعادة، وهكذا..
رحم الله شيخانا ورزقهما الجنة جزاءا
لهما واسكنهما مع الصديقين و الصالحين