يتفق معظم مزاولي الطب البديل على أن أفضل علاج للقرحة الهضمية هو المضادات الحيوية. ولكن ألا يتجنب معظم الأطباء البديلين استعمال المضادات الحيوية؟ ألا تقضي هذه العقاقير على البكتيريا المفيدة في القولون، مسببة جميع أشكال المشاكل الهضمية؟ نعم، من دون شك.
بيد أن الأطباء البديلين والتقليديين على السواء يوافقون على أن المضادات الحيوية هي السبيل الأضمن للقضاء على بكتيريا Helicobacter pylori. إذ تعتبر هذه البكتيريا مسؤولة عن 70 بالمئة من حالات القرحة الهضمية، وهي عبارة عن قروح مؤلمة في بطانة المعدة أو الاثني عشر (جزء من المعى الدقيق يقع قرب المعدة تماما).
وعلاج القرحة هو أمر لا بد منه. فبالإضافة إلى الأوجاع، تسبب القروح نقصانا في الوزن، انتفاخا، تجشؤا، وغثيانا. وبعض القروح تنزف بينما تخلف أخرى ثقبا يخترق المعدة أو المعى.
وحالما يحدد الأطباء بأن القرحة ناجمة عن إصابة ببكتيريا H. pylori، ويتم التشخيص من خلال تحليل دم يظهر مستضد H. pylori فضلا عن عينة من نسيج المعدة، يصبح بإمكانهم علاج المشكلة على نحو سريع وفعال. إذ يصفون للمريض علاجا بالمضادات الحيوية لمدة أسبوع أو اثنين. ويرفقون المضادات الحيوية عادة بسابساليسيلات البزموث (bismuth subsalicylate) أو غيره من العقاقير التي تحد من إفراز الحمض لحماية بطانة المعدة. وهذا العلاج يشفي القرحة ويمنع عودتها ثانية لدى 90 بالمئة من الحالات. وتلك نسبة ممتازة في معيار الطب البديل والتقليدي على السواء.
ولكن هذا لا يعني بأن العلاجات البيتية البديلة غير مهمة في علاج القرحة. في الواقع يمكنك استعمالها إلى جانب المضادات الحيوية لمساعدة المعى والاثني عشر على الشفاء والحؤول دون الإصابة بالقرحة مجددا. كما يمكنك استعمالها لتقليص التأثيرات الجانبية أثناء العلاج.
وحتى ولو لم تكن القرحة ناجمة عن بكتيريا H. pylori، من شأن هذه العلاجات أن تعطي مفعولا في السيطرة على الأعراض وفي شفاء المرض أفضل من مفعول أدوية حصر الحمض الموصوفة أو غير الموصوفة، كما يؤكد مارك ستانغلر، دكتور في طب المعالجة الطبيعية في سان دييغو.
دليل العناية الطبية
إن شككت بأنك تعاني من القرحة، عليك أن تقصد أخصائيا طبيا. أما العارض الأساسي فيتمثل بألم كليل وحافر في المعدة يطرأ بعد ساعتين أو ثلاث من الأكل أو في منتصف الليل، ويأتي ويزول لعدة أيام أو أسابيع، ويزول بالأكل.
وإن أثبت التشخيص إصابتك بالقرحة، وبدأ ينتابك ألم حاد ومتواصل في المعدة، براز أسود أو بلون الدم، أو قيء بلون الدم أو شبيه بتفل القهوة، فأنت تعاني على الأرجح من قرحة نازفة أو من ثقب في المعدة أو الاثني عشر. وتلك حالة طارئة تستوجب رؤية طبيب على الفور.
زيت السمك وزيت الذرة: يمنعان الإصابة بالقرحة مجددا
أثبتت إحدى الدراسات العلمية بأن زيت الذرة وزيت السمك من شأنهما أن يوقفا نمو بكتيريا H. pylori، كما تشير دواين سموت، دكتورة في الطب، رئيسة الدراسة وأستاذة طب مشاركة في قسم طب الجهاز الهضمي في كلية جامعة هوارد للطب في واشنطن العاصمة. ويقول بأن “الغذاء الغني بهذه الزيوت قد يساعد على منع الإصابة بالقرحة مجددا”.
ويمكنك الحصول على كمية كافية من هذه الزيوت من خلال الطبخ بزيت الذرة واستعماله في السلطات وبتناول حصتين أو ثلاث من السمك كل أسبوع، كما تقول د. سموت.
وإن كنت لا تحب السمك يمكنك استعمال مكملات زيت السمك، وفقا للتعليمات على الوصفة، كما تقول إليزابيث ليبسكي، خبيرة تغذية سريرية مجازة في كاواي، هاواي.
الأطعمة الغنية بالألياف: كل منها قدر استطاعتك
إن زيادة مأخوذك من الألياف الغذائية يساعد على منع الإصابة بالقرحة مجددا، كما يعتقد د. ستانغلر. ويعتبر التفاح ونخالة الشوفان والبركولي وبراعم بروكسل هذا بالإضافة إلى الملفوف والجزر وخبز الحنطة الكاملة ورقائق الحبوب الكاملة والخضار الورقية الخضراء جميعها غنية بالألياف. وبوسعك عوضا عن ذلك استعمال مكمل للألياف يحتوي على بزر القطونا، كما ينصح. تناول مرة في اليوم كبسولتين أو ثلاث منه مع كوب سعة 240 سم3 من الماء.
أوريزانول غاما Gamma Oryzanol: يساعد على الشفاء
يساعد المركب المعروف باسم أوريزانول غاما على شفاء معظم حالات القرحة، برأي ليبسكي. أكنت تستعمل المضادات الحيوية أم لا، يمكنك أخذ 300 ملغ من أوريزانول غاما في اليوم لتعجيل الشفاء والمساعدة على منع الإصابة بالقروح مجددا، كما تقول.
السوس المنزوع السوسين DGL: أقوى مفعولا من الدواء
السوس المنزوع السوسين (deglycyrrhizinated licorice) أو DGL، هو شكل من أشكال السوس أزيل منه حمض السوسين (glycyrrhizic acid) الذي يسبب أحيانا ارتفاعا في ضغط الدم. وقد أثبتت الدراسات العلمية بأنه أكثر فاعلية من بعض الأدوية المضادة للقرحة غير الموصوفة في السيطرة على أعراض القرحة الهضمية، كما يشير ستانغلر. وهو يوصي بتناول 1000 إلى 1500 ملغ من DGL يوميا على شكل كبسولات، أو 30 نقطة من صباغ DGL ثلاث مرات في اليوم على معدة خاوية، لمدة شهرين.
الغلوتامين Glutamine: السر الشافي في عصير الملفوف
يعتبر عصير الملفوف علاجا شعبيا تقليديا يساعد على شفاء قروح المعدة – إلا أن طعم العصير كريه، كما تقول ليبسكي. ولحسن الحظ فإن العنصر الشافي للقرحة في العصير متوفر على شكل مكمل.
فمن المكونات الناشطة في عصير الملفوف الجلوتامين، وهو حمض أميني يغذي بطانة الجهاز المعوي ويرممها. وتوصي ليبسكي بأخذ 8000 ملغ من الغلوتامين في اليوم لمدة أربعة أسابيع.
استعن بالبكتيريا المفيدة
مع أن المضادات الحيوية فعالة جدا في علاج معظم حالات القرحة وشفائها، إلا أن هذه العقاقير نفسها غالبا ما تسبب تأثيرات جانبية ضارة لأنها تقتل البكتيريا المفيدة فضلا عن الضار منها. وربما سببت مشكلة بذلك، لأن البكتيريا الجيدة الموجودة في المعى تساعد على تنظيم الهضم والحفاظ على بيئة هضمية صحية.
فحين تموت البكتيريا المفيدة، قد يصاب المريض بحالة تدعى الخلل الحيوي، وهو نمو أو فورة نشاط للبكتيريا والفطريات الضارة. وهذا ما يسبب الانتفاخ وسوء الهضم والإمساك فضلا عن الإسهال وتطبل البطن والتعب والإنتانات الخميرية.
ويمكنك المساعدة على منع الإصابة بالخلل الحيوي عبر تناول جرعة يومية مؤلفة من كبسولة إلى ثلاث كبسولات، أو ¼ إلى ½ ملعقة صغيرة، من المساعدات الحيوية. وتحتوي مكملات المساعدات الحيوية على بكتيريا صحية كالبكتيريا المحبة للحمض (acidophilus)، والبكتيريا المشقوقة (bifidum)، والبكتيريا البرازية (faecium)، استنادا إلى إليزابيث ليبسكي، خبيرة تغذية سريرية مجازة في كاواي، هاواي. وتساعد هذه البكتيريا على التعويض عن تلك التي قتلت تحت تأثير المضادات الحيوية، كما توضح.
ويجدر التنبيه إلى أنه عند شراء مساعد حيوي، ينبغي التحقق من أن العبوة تحمل تعبير freezedried أي مجفف بالتجليد، لضمان أن مختلف أنواع البكتيريا الموجودة في المكمل لن تتسابق على الطعام وتميت بعضها بعضا حين تخرج من العبوة، فضلا عن تعبير FOS، وهو نوع من السكر يغذي البكتيريا وهي تنتقل عبر الجهاز الهضمي. فمعه، تتكاثر البكتيريا بشكل أفضل.
ومن المستحسن أيضا ابتياع مساعد حيوي مبرد في المتجر، لأن البرودة تحافظ على البكتيريا حية وتضمن فاعليتها. تحقق كذلك من تاريخ انتهاء المدة على العبوة.